محسن الافندي مشرف منتدى الصوتيات والمرئيات الاسلاميه
عدد المساهمات : 45 تاريخ التسجيل : 05/08/2010 العمر : 39
| موضوع: الشيخ محمد صديق المنشاوي سيرته واخباره وما قيل عنه رحمه الله عليه السبت أغسطس 21, 2010 9:10 am | |
| [b][size=16][size=25]بسم الله الرحمن الرحيم هذه بعض الاقوال التى قيلت فى حق شيخنا الحبيب الشيخ محمد صديق المنشاوى محمودالسعدنى قال انه الشيخ محمد صديق المنشاوى ... شيخ ولد من رحم الخشوع وتربى بين احضان التضرع والسكينة فأصبح رئيسا لجمهورية الاحساس بلا منافس اومنازع فهو الذى يدق ابواب القلب في خضوع وتواضع ليدخل بسرعة البرق وينشر احساسه الرائع وخشوعه الرهيب واذكر لكم واقعة بسيطة عندما ذهب الشيخ المنشاوى الى ليبيا ليقرأ أمام الملك السنوسي ملك ليبيا في الستينات وكان هذا الملك يملك ساعة يد قد صنعت من أجله خصيصا ولا يوجد منها في العالم الا واحدة فقط وكانت هذه الساعة هى أغلى شىء يقتنيه هذا الملك وبدأ الشيخ المنشاوى في التلاوة فأبكى الجميع حتى الملك نفسه بكى بكاء شديد وطلب من الشيخ المنشاوى أن يتوقف عن التلاوة ثم قام وخلع ساعته أمام الجميع وأعطاها للشيخ المنشاوى فقال له الشيخ عفيف النفس لا فأنا أعلم أن هذه الساعة هى أغلى شىء تقتنيه وتحبه فقال له الملك كيف لا أعطيها لك وأنت الذى دخلت قلبي بدون أن تستأذن ثم أعطاها له *************************************** الشيخ أحمد بن علي العجمي يقول الشيخ المنشاوي من أفضل القراء تجويداوحفظافي إجابة على أسئلة في لقاء له في أحد المنتديات :
س :من هو أفضل القراء من وجهة نظرك إجادة للتجويد وإتقاناً للحفظ ؟ ج :الشيخ المنشاوي ثم الحصري رحمهما الله .
- هل لك محاولات لتلاوة القرآن على طريقة القراءة المصرية كتلاوات عبدالباسط والمنشاوي رحمهما الله ؟ نعم . سبق وأن قرأت في الجامع الكبير – فترة من الفترات – خلال صلاة المغرب بطريقة الشيخ المنشاوي.
السؤال الخامس: من هو المقرئ الذي تأثرت بقراءته وتعتبره مثلك الأعلى ؟ ذكرت في السؤال الأول أنه الشيخ علي جابر حفظه الله ، ولذلك أول ما بدأت قرأت بقراءته ، وكذلك الشيخ المنشاوي ، والحصري ، فمن طبعي حب التنويع في التلاوة . *************************************** عبد الكريم بن صالح المقرن في صحيفة الجزيرة يقول عن الشيخ محمد صديق المنشاوي: الشيخ المنشاوي سيرة عطرة عبدالكريم بن صالح المقرن
الشيخ محمد صديق المنشاوي -رحمه الله- صاحب صوت شجي، يحلق بالسامعين في آفاق أخرى، بعيداً عن هذا العالم، حتى لكأنه يأخذهم إلى عالم الآخرة بصوته الخاشع المؤثر المبكي.
تتذكر وأنت تسمعه قول المولى عز وجل: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} والله إن المسلم عندما يستمع إلى تلاوة الشيخ المنشاوي -رحمه الله- مرتلة ومجودة ليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله)، فصوته يقطر خشوعاً وإخلاصاً - نحسبه كذلك والله حسيبه - فوضع الله له القبول في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
أذكر في حارتنا القديمة، عندما كنا نستقبل شهر رمضان، كان صاحب الدكان القريب من بيتنا يفتح جهاز المسجل على صوت الشيخ المنشاوي - رحمه الله - يقرأ من سورة ق، وكنت أشعر وأنا أستمع هذه التلاوة بجو من الروحانية والسكينة يشيع في المكان، وفي السوق ويسري في جنباته، كنت وقتها صغير السن، فكنت أنتظر في دكانه أستمع هذا الصوت الخاشع الشجي، الذي يملأ القلب إيماناً وخشوعاً.
رحل المنشاوي - رحمه الله - وبقي عمله الصالح، وقراءته الخاشعة، ومازال ناشراً لكتاب الله في الآفاق، تالياً له في كل حين في كل بلاد الدنيا.
فنسأل الله تعالى أن يرحم الشيخ رحمة واسعة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجعل مثواه الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم آمين. **************************************
من أعذب الأصوات وأكثرها خشوعا فضيلة القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوى وكما يقول عنه الشيخ الدكتور عمر عبدالكافى: إنه القارئ الذي تشعر وكأنه يقرأ القرآن وقلبه يرتجف خشوعا *************************************** حكاية اخرى عن شيخنا الجليل محمد صديق المنشاوى ويرويها شيخ يدعى صفاء الدين الاعظمى البغدادى يقول كنت فى الثامنة عشر من عمرى وكنت اقرا فى احد المحافل القرانية فى العراق التى كانت منظمة بواسطة رئيس ديوان العراق ويقول واثناء التلاوة دخل رئيس ديوان العراق-وكان معه احد الشيوخ_وهمس لى بان اختم التلاوة فاستفسرت فقال لى ان الشيخ المنشاوى قد حضر فنظرت الى الشيخ فوجدته شابا وكنت لم ار المنشاوى قط فقلت فى نفسى ان هذا ليس المنشاوى فقد كنت اعتقد ان المنشاوى فوق الستين بسبب صوته الرخيم فالمهم تنحيت جانبا الى جانب الشيخ وصعد الشيخ واستعاذ فقلت بصوت مسموع يسمعه الشيخ ان هذا ليس المنشاوى فنظر الى الشيخ ولم يقل شيئا ثم بسمل فقلت مستحيل ان يكون المنشاوى ثم قرا يسئلونك عن الانفال فقلت والله انه المنشاوى فنظر اليا مبتسما وقال نعم انا المنشاوى *************************************** احد المحبين يقول ماذا أقول وقد وقفت حروفي كلها عاجزة تماما أمامك يا شيخ محمد .. كل ما أعرفه الآن انني اريد أن أشهد شهادة أمام الله وأمامكم جميعا يا كل أعضاءمنتداك وهي ( انني أشهد الله وأشهدكم جميعا أنني لم أسمع في حياتي خشوع ولا تأثير مثل تأثير وخشوع الشيخ محمد صديق المنشاوى) .... قالوا عليه صوت البكاء وهو يستحق ... قالوا عنه هرم الخشوع الشامخ وهو يستحق .. قالوا عليه الداخل الى القلب بسرعة البرق وهو يستحق ... قالوا عليه الشيخ الزئبقي الذي يتسلل الى قلبك دون أن تعرف كيف ومتى دخل وهو يستحق ... قالوا عنه ملك التأثير وأمير الاحساس الصادق وهو يستحق... واخيرا قالوا عليه أنه أوتى من مزامير داوود وهو أيضا يستحق ... أقدم لكم الآن سورة محمد تسجيل استوديو للشيخ المنشاوي ولكن هذه المرة كان المنشاوى مختلف حيث بدأ السورة ببسملة غير عادية وكأن هذا التسجيل هو آخر تسجيل سوف يقرأه في حياته وكان واضح على صوته البكاء والتأثر الرهيب بآيات ربه وبعد مرور دقيقة و 10 ثواني يقرأ المنشاوى (ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا) ونلاحظ عليه أيضا أنه يحاول أن يتمالك نفسه ويخفي بكائه وخصوصا في كلمة ماتوا ... ولكن لأنه المنشاوى .. لأنه الخاشع الرائع الباكي .. وبعد مرور دقيقة و 37 ثانية يكمل المنشاوى الآية ويقول (وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) ويا لها من آيه أشبه بالقنبلة الموقوتة ولكنها قنبلة من الخشوع فجرت معها الدموع وحركت الساكن فخشعت القلوب الجامدة وكيف لا تخشع والمنشاوي يبكي .. حيث نلاحظ وهو يقرأ هذه الآية كلمة (فلن) حيث بكى عندها وحاول أن يكمل الآية وعند نهايتها وعند كلمة (لهم) بكى المنشاوي ولم يتمالك نفسه ... وتأتي الدقيقة 11 و8 ثواني حيث دخل الشيخ في سورة الفتح وقرأ الآيه (خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما) ويبكي عند كلمة (ويكفر) ولكنه يحاول مرة أخرى أن يتمالك نفسه ولكن بكائه ظهر في كلمة (ذلك) حيث أكمل الآية بعد أن كان سيتوقف .... اسمعوا وقولوا لي ما هذا بالله عليكم ... هل هذا الاحساس احساس بشر وهل هذا الخشوع خشوع بشر أعتقد لا !! رحمك الله يا قرة عيني رحمك الله يا حبيبي ونور عيني يا من أحببتني في القرآن .. رحمك الله يا هرم الخشوع الشامخ .... وللعلم التلاوة كلها غير عادية وكأن الشيخ المنشاوي يقول فيها وصيته الأخيرة قبل مماته ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ محمد صديق المنشاوي.. سيرة وتحية
الشيخ محمد صديق المنشاوي (1) سيرة وتحية القارئ الشيخ الجليل محمد صديق المنشاوي علم من أعلام الإسلام, وإمام من أئمة القراءة لآيات الكتاب العزيز, رزقه الله صوتا جميلا مؤثرا وقبولا حسنا متواصلا عند جماهير الأمة الإسلامية, أوصل كلمة الله بصوته المؤثر الخاشع إلى مشارق الأرض ومغاربها, فكان خير داعية إلى الله وكتابه ودينه على مستوى العالم, على بصيرة بهذا الكتاب وتجويد مخارجه الحروفية وتعظيم ما يحتويه من قوانين إلهية ومبادئ إنسانية عالمية. ولد الشيخ الجليل محمد صديق المنشاوي في صعيد مصر, مركز "المنشأة" محافظة سوهاج سنة 1920م, ونشأ في بيت علم وفضل واهتمام بتلاوة القرآن الكريم وتدارسه. فوالده صديق السيد كان من القراء المجيدين, اشتهر في مصر وله تسجيلات بإذاعة سوريا ولندن ما زالت تبث حتى الآن. وعمه أحمد السيد كان أيضا قارئا مشهورا, رفض القراءة في القصر الملكي بسبب شرطه الذي أعجز الملك وهو أن يمنع المقاهي من تقديم المشروبات الكحولية أثناء إذاعة القرآن من القصر الملكي. التحق الفتى محمد بكتـّاب القرية, وعمره أربع سنوات, ففاق زملاءه في سرعة الحفظ والاستيعاب, مما لفت إليه نظر معلمه, فأحاطه المعلم "أبو مسلم" بمزيد من الرعاية والاهتمام حتى أتم ختم القرآن الكريم وهو في سن الثامنة لم يتمها. لا نعرف كيف نشكر هذا المعلم؟ فقد ساهم في نمو جناح العندليب وتقوية صوته, حتى استطاع أن يرفرف بعيدا ويشنف أسماع العالم بتغريده وترديده, وله نصيب من أجر الشيخ كلما تراكمت إلى يوم القيامة. انتقل الفتى إلى القاهرة ليتعلم علوم القرآن ونزل في ضيافة عمه, وعند بلغ الثانية عشرة درس علم القراءات على يد الشيخ محمد مسعود الذي أعجب به وأخذ يقدمه للناس في السهرات, حتى بلغ الخامسة عشرة فاستقل عن شيخه ووالده بعد ذيوع صيته في سوهاج وما حولها. ظل يقرأ في المساجد والمحافل حتى اشتهر أمره وصار قارئا معتمدا لدى الإذاعة المحلية, حاملا لقب "مقرئ الجمهورية المصرية المتحدة" كما قدمه المذيع من مسجد لالا مصطفى باشا بدمشق الذي قرأ فيه أوائل سورة يوسف, هو مقرئ الجمهورية المصرية المتحدة في زمنه, ومقرئ مصر والعالم في كل زمن قادم. تزوج من ابنة عمه في سنة 1938 وعمره ثمان عشرة, فأنجب منها ابنين وبنتين, ثم تزوج الثانية بعدما تجاوز الأربعين من مركز "أخميم" بسوهاج وأنجب منها تسعة أولاد, خمسة ذكور وأربع إناث. عاش مع زوجتيه في مسكن واحد يجمعهم الحب والمودة, ويتمنى الناس مصاهرته. توفيت زوجته الثانية أثناء تأديتهما فريضة الحج قبل وفاته بسنة واحدة. كان الشيخ المنشاوي يجل أقرانه من حفظة كتاب الله تعالى, وتعلق قلبه وأذنه بالاستماع عبر الراديو إلى المقرئين في عصره جميعا دون استثناء, وفي طليعتهم الشيخ محمد رفعت رحمه الله, فقد أحبه كثيرا وتأثر بصوته وتلاواته وحضر بنفسه حفل العزاء ليواسي أسرة الشيخ ومحبيه بما تيسر من كتاب الرحمن. كان لين الجانب عطوفا على المساكين متواضعا للناس لا يرفض دعوة يتلقاها لإسعاد المدعوين بالقراءة, بل يجدها فرصة لإبلاغهم كلمة ربه وهو راض سعيد. لبى دعوة رؤساء بعض الدول للقراءة في الخارج, كدعوة الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو, التي لباها برفقة نظيره الشيخ عبدالباسط عبدالصمد, فبكى أثناء تلاوته لبكاء الجمهور المتواصل. وقد منحه سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى, وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا. لكنه في المقابل, رفض تلبية دعوة لافتتاح حفل يحضره الرئيس جمال عبدالناصر, لأن الرسول وكان وزيرا قال له: ألا يكون لك الشرف حين تقرأ بين يدي الرئيس..؟ فأجاب الشيخ: ولم لا يكون هذا الشرف لعبدالناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت المنشاوي؟ ورفض أن يلبي الدعوة قائلا: "لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله", وهكذا يعز كتاب الله تعالى أهله وحافظيه. لم تكرمه الحكومة المصرية, وإن كرمت والده بعد وفاته عام 1985م فمنحته وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية. أصيب الشيخ رحمه الله بدوالي المريء منذ سنة 1966 فنصحه الأطباء بالراحة وعدم إجهاد حنجرته, إلا أنه استمر في القراءة بصوت جهوري, وظل مصطحبا كتاب ربه في أسفاره وإقامته حتى اختاره الرحيم لجواره الكريم, فالتحق به يوم 20/6/1969م, وعمره دون الخمسين. وبموته خسر العالم درة القراء وحنجرة من الجوهر بل خسروا الحنجرة السماوية. ترك الشيخ وراءه ذرية صالحة, فكل أولاده يحفظون القرآن كاملاً, ورث منهم اثنان حلاوة صوته ونداوته, صلاح وعمر, درسا علوم القراءات وشهد لهما الكثير من المتخصصين بالبراعة والإتقان. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
(2) شيخ القراء وسادتهم خير مزامير الأواب التالي داوود أروع صوت في الأرض حزين أتمنى أن أسمعه فرحانا في الجنة وبجانبه حور العين.. الشيخ محمد صديق مزمار من مزامير آل داود, أروع صوت في الأرض شفافية وحزنا, من مِن محبيه لا يتمنى أن يسمعه فرحانا في الجنة وحوله حور العين؟ كتبت فيه مقطوعة وجدانية أخرى, تقول أبياتها: "صوت شجي طروب/ يتدفق رويدا, رويدا/ من نهر في أعلى الجنة/ فيهتز الصخر في خشوع". نعم, هو هكذا وأكثر, صوت شجي طروب متدفق من الفردوس يهز القلوب المتحجرة إذا أقبلت على تلاوته بنوافذ مفتوحة وروح طليقة أبية حرة. كان الشيخ رحمه الله دائم الصحبة لكتاب ربه, يتغذى روحه بالقرآن ويستشفي قلبه بآياته, ويستضيء دربه وجوانحه بنوره الذي يشع سكينة وطمأنينة. لاحظت خلال استماعي الطويل أن الشيخ يبرع في التلاوة, غاية البراعة والخشوع, إذا كانت الآيات تتعلق بالقرآن نفسه تلاوة وتدبرا في كل وقت وبخاصة في التهجد, كغذاء للروح وشفاء للبدن, وكذا إذا تعلقت بأسماء الله الحسنى وتعظيم الله تعالى وتمجيده وتوحيده, ومنها ما يتعلق بقصة مريم والسيد المسيح, وقيل لي في ذلك إن الشيخ كان يُسر له بعض الحاضرين إذا كان فيهم أقباط بأن يقرأ آيات تتعلق بمريم والمسيح عليهما السلام, وقد أسلم بسبب تلاواته كثيرون, أخبرني بذلك طبيب مصري صعيدي من قرية مجاورة لقرية "منشأة" وليس هذا ببعيد لأنك تحس بإخلاص الشيخ في القراءة وفي ذهنه الدعوة إلى الله, تحس به يقرأ وأمام عينيه لوحة مكتوب فيها "إنما الأعمال بالنيات" وتحتها "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" فرحمة الله تعالى عليه وعلى والديه. كذلك لاحظت تأثره وحزنه حين يتلو آيات تتعلق بالنساء, كما في سورة الطلاق وأواخر التحريم, قصة زوجة لوط وزوجة فرعون. وهذا يعني أن الشيخ رحمه الله تعالى كان يهتم بالمشاكل الاجتماعية للناس ويتأثر لأحوال المجتمع, ولو رأى اليوم ما ينشر في المدونات المصرية من امرأة "عايزة تتجوز" ومن رجل "عايز يجوز" وآخر "مش عايز" فضلا عن "أوقفوا التعذيب" وغيرها من المدونات لبلغ به التأثر منتهاه. إن القرآن ليرقق القلب لدرجة لا يتصورها من لم يعرفه ويعايشه. مهما تحدثت عن الشيخ المنشاوي لا أوفيه حقه, فهو فنان أسطوري- إذا جاز التعبير- في التلاوة القرآنية, مرهف الإحساس جدا, بل لأقل رهيف الإحساس لأني أحس أن هذه الكلمة بمد الهاء فيها أقرب إلى وصف إحساسه المموج, وللشيخ ذوق فني رفيع, يتذوق عبره معاني الآيات ويتحسس وقع الكلمات وجرسها فيحاول إيصال جمالها بأقصى ما يمكن وأروع ما يكون. إلى ذلك, له منهج خاص في الترتيل يختلف عن القراء الآخرين, فتلاوته المرتلة تنقسم إلى قسمين أحدها بطئ والآخر سريع, فإذا سئمت من البطيء أخذ بأذنك مسرعا بعد فترة قد تقصر وقد تطول. وإذا مللت من السريع ترفق بك وأبطأ سرعته, وهكذا دواليك. لا أدري هل الإذاعة هي التي اقترحت عليه ذلك أم هو رأي رآه وسار عليه؟ بينما غيره من المشايخ يقرؤون المرتل بنمط واحد قد يساعد المستمع على الاسترخاء وربما قد يسلمه للنوم أيضا. ومن خصائص المنشاوي وذوقه الفني أنه يدرك متى يتوقف كي يحدث تأثيرا في جمهور السامعين, يتعمد أحيانا التوقف أثناء الآية من أجل هدف التأثير وكسر ما تعودت عليه الأسماع والعيون. له تلاوة لسورة التكوير مجودة نادرة يتوقف فيها عند نهاية هذا الجزء من الآية: "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك"؟ فيفاجأ المستمع بمحطة لم يألف التوقف عندها, لكنها تعطيه فرصة للتأمل في بداية الخلق بحيث يتهيأ بعدها لاستقبال عملية التسوية والتعديل لخلق الإنسان. حتى عندما يتعب الشيخ فيقرأ الهوينى تستلذ صوته المتعب المبحوح, وإنني الآن أستمع إلى مثل هذه القراءة المتعبة, أو التي يقرؤها في فترة استراحة, من سورة يوسف, وهو يتلو: "قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف" متوقفا عند هذه الكلمة عمدا كما يبدو, حتى ليتساءل السامع: إذن ماذا يفعلون به بعد كل ما تقدم؟ وهذه تلاوة نادرة في مسجد لالا مصطفى باشا, لكن في تلاواته المجودة العادية, يحاول ألا يقرأ كذلك إلا في الربع الأخير من القرآن أو بعض السور من المفصل فيكثر منها. ولو كان الشيخ حيا لأشرت عليه أن يقرأ كذلك بلا حرج, لأن صوته جميل في كلتا الحالتين, نشيطا ومتعبا, بل قد يكون أكثر جمالا في حالة التعب, إذا كان الموضوع متعِبا أو حزينا, بل قد تشعر بقرب القارئ من نفسك أكثر وكأنه يفضفض لك مقتربا منك هامسا في أذنك. يبدو أن الموضة في تلك الأيام, وربما المنافسة مع الغير, جعلته يبتعد عن أخذ استراحة! والله أعلم. ما سمعت الشيخ محمد يشدو بالآيات العظيمة إلا خشع له قلبي وسكنت جوارحي وارتقيت في الجنة درجات وغبت في النعيم وربما تهيبت الجحيم, ودعوت للشيخ ولأبيه ولأهله وذريته. وإني, مع جمهور محبي الشيخ, ندين بالشكر الجزيل للفاضل خالد باغانم الذي أنتجت مؤسسته بجدة المصحف المجود الكامل للشيخ في أربعين شريط كاسيت, ففرحنا به كغيث ينهمر بعد طول جفاف واقتنيناه كتحفة لا تقدر بثمن, وإن كان هناك عدة ساعات ناقصة أكملها باغانم بالمرتل. ومع روعة تلاوات الشيخ المرتلة, إلا أن هناك جمهورا عريضا من عشاقه مسحورون بتلاواته المجودة, ولاسيما التلاوات النادرة التي يندر أن يجود الزمان بمثلها, ومنها ما سجل له بمسجد لالا مصطفى باشا بدمشق والمسجد الأقصى ومساجد أخرى بالجزائر أو ليبيا وغيرها. هل سمعت أوائل سورة يوسف التي سجلت بمسجد لالا مصطفى باشا؟ أو مقطع من سورة الإسراء, أو مقطع من سورة إبراهيم, أو أوائل الشعراء؟ فضلا عن قصار السور, ولاسيما سورة الفجر, وكذلك الفاتحة وأواخر البقرة وأواخر الحشر؟ هذه تلاوات جديرة بأن تهتم بالاستماع إليها, بالإضافة إلى مقاطع نادرة للشيخ الأواه عبدالباسط عبدالصمد وخصوصا مقطع من أواخر سورة الكهف بلغ فيه قمة القمم من حيث روعة التحليق واللطافة والخشوع, ولعلني أتناوله في تحية قادمة. في حوار مع "الحاج سعودي محمد صديق" سئل: "لماذا لم يسجل الشيخ محمد صديق المنشاوي القرآن مجوداً للإذاعة؟" فأجاب بقوله: "لقد سجل الشيخ محمد صديق القرآن بصوته مجوداً للإذاعة ينقصه خمس ساعات تقريباًُ ولكن للأسف الشديد فإن المسئولين في الإذاعة لا يهتمون بتسجيلات المقرئين. وفي عام 1980م ذهبت للإذاعة ووجدت أن الشرائط المسجل عليها القرآن بصوت الشيخ محمد صديق تم تسجيل برامج أخرى عليها مثل ما يطلبه المستمعون أو خطاب الرئيس عبدالناصر وللأسف لم ننتبه لهذا الإهمال إلا عندما ذهبنا إلى الإذاعة لنحصل على نسخة من القرآن بصوته مجوداً.. أما فيما يتعلق بالقرآن المرتل فقد سجله للإذاعة كاملاً وحصلنا على نسخة منه". فسبحان الله, كيف يسجلون برامج ما يطلبه المستمعون على تسجيلات شيخ القراء وسادتهم, كيف يمسحون تسجيلات لا تعوض بجرة قلم أسود!! إنه إهمال فظيع في حق الشيخ الذي أفنى عمره في خدمة القرآن. ماذا لو سجل أحدهم فوق أصل من أصول سيمفونيات بيتهوفن, في الغرب, أكانت الدنيا تقعد ولا تقوم؟! لكننا لا نقول سوى, حسبنا الله ونعم الوكيل ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ مقرىء الصحوة الاسلامية القارئ الشيخ محمد صدّيق المنشاوي (1920م – 1969م) بقلم الأستاذ : محمد حسين إبراهيم الرنتاوي
منذ قرنين من الزمان ذاع صيت الشيخ ثابت المنشاوي في صعيد مصر، فقد كان من أشهر القرّاء في مصر، حباه الله صوتاً عذباً وترتيلاً خاشعاً يأسر سامعيه؛ ولذا كان الشيخ ثابت حاضراً على الدوام في معظم الحفلات والمناسبات الاجتماعية والدينية. منذ ذلك التاريخ وعائلة الشيخ ثابت تتوارث حفظ القرآن وتجويده وترتيله جيلاً بعد جيل.
تولّى الشيخ ثابت تحفيظ ابنه (سيد) القرآن الكريم، وعلّمه أحكام التجويد والترتيل؛ حتى تبوأ مكانة والده في الشهرة. أما الشيخ صدّيق ابن الشيخ سيد المنشاوي فقد بدأ حفظ القرآن على يد والده، فأتم حفظه وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، ثم انتقل الشيخ صدّيق إلى القاهرة، وتلقّى علم القراءات على يد الشيخ المسعودي وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت، ولكن أخاه الشيخ أحمد السيد بقي في الصعيد يقرأ ويعلم ويرتل القرآن الكريم.
حرص الشيخ صدّيق المنشاوي على أن يحفظ أبناؤه الأربعة القرآن الكريم وهم: محمد ومحمود وأحمد وحامد، الأول والثاني أصبحا من مشاهير قراء القرآن في العالم الإسلامي، والثالث توفي صغيراً بعد أن أتم حفظ القرآن، والرابع ما زال يعمل معلماً بالأزهر.
والآن نطوف مع شريف من أشراف الأمة؛ حملة القرآن العظيم، الولي الرباني، والقارئ لكتاب الله بأنفاس المعاني، الشيخ محمد صدّيق المنشاوي الذي يستحق أن نلقّبه (مقرئ الصحوة الإسلامية المعاصرة) لنقلب صفحات من ذكريات الرجل، ونقف على محطات من حياته.
الاسم والنسب:
هو الشيخ محمد بن صدّيق بن سيد بن ثابت المنشاوي.
الولادة:
ولد الشيخ سنة (1338هـ -1920م) بقرية (المنشأة) التابعة لمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية. وهذه القرية كانت تسمى في العصر الفرعوني (منشات)، وتجاورها قرية (أخميم)، وفي الأصل (تخميم)، وهما اسمان فرعونيان معناهما: (ولد العم) ثم حرفتا إلى (المنشأة) و (أخميم).
زواجه: تزوج الشيخ عام (1938م) من ابنة عمه، وكان ذلك زواجه الأول، وانجب منها أولاداً: ولداً وبنتين، ثم تزوج الثانية بعد أن تجاوز الأربعين، وكانت من (أخميم)، وأنجب منها تسعة أبناء: خمسة ذكور وأربع إناث. وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة. وقد توفيت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد.
أولاده :
رزق الله – سبحانه – القارئ الشيخ محمد صدّيق اثني عشر ولداً، نصفهم من الذكور وهم: "محمد سعودي" ويعمل في التجارة، "محمد الشافعي" ويعمل مهندساً معماريّاً في السعودية، "محمد نور" ضابط بالجيش المصري، الدكتور "عمر" ويعمل مدرساً في كلية العلوم بجامعة الأزهر، "صلاح" ويعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة، "طارق" ويعمل مهندساً في السعودية.
أما الإناث فهن: فردوس وفتحية وفريال وفاطمة وفايزة - وجميعهن لا يعملن ومتزوجات -، الثلاث الأوليات تزوجن في حياة والدهنَّ بعد أن أكملن حفظ القرآن، أما الأخريات فقد تركهنَّ صغاراً لم يتجاوز عمر أصغرهنَّ سنة واحدة، فتولى جدّهم الشيخ صدّيق المنشاوي تربيتهن وتحفيظهن القرآن.
أخلاقه:
1- تواضعه:
فقد كان الشيخ المنشاوي – رحمه الله – شديد التواضع، وكان كثيراً ما يتحرر من عمامته ويرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويجلس أمام بيته؛ فكان بعض الناس يعتقدون أنه بوّاب العمارة، خاصة وأن بشرته قمحية، ولكن ذلك لمن يكن يضايقه. وذات مرة اقترب منه أحد الرجال- وكان جاراً له في المسكن- ولم يعرفه وقاله له - بلهجته العامية-: لو سمحت يا عم (ما تعرفش) الشيخ محمد صدّيق المنشاوي موجود في شقته (ولا لأ)، فنظر إليه الشيخ محمد قائلاً له : حاضر يابني انتظر لمّا (أشوفو) لك. وبالفعل تركه الشيخ محمد صدّيق وصعد إلى شقته، وارتدى العِمّة والجلباب والنظارة، ثم نزل إليه وسلّم عليه، ولم يقل له الشيخ عندما سأله أنه هو من يسأل عنه؛ حتى لا يسبب له حرجاً لعدم معرفته به وهو صاحب الصيت في العالم العربي والإسلامي، وقضى لذلك الرجل مسألته.
2- حبه للفقراء والمساكين:
قال أحد أبنائه: إن علاقة والده بأهل بلدته لا تنقطع، وهذه من عادات أهل الصعيد الحسنة، فكان عطوفاً بهم، محبّاً لفقرائهم. وأذكر أنه قال لنا ذات مرة: إنه يريد أن يصنع وليمة كبيرة على شرف بعض الوزراء وكبار الوجهاء على العشاء، فتمّ عمل اللازم، ولكننا فوجئنا بأن ضيوفه كانوا جميعاً من الفقراء والمساكين من أهل البلدة، وممن يعرفهم من فقراء الحي الذي كنا نعيش فيه.
3- حسن تربيته لأبنائه:
يقول محمد سعودي عن أبيه الشيخ محمد صدّيق: حرص والدي على أن نبدأ في حفظ القرآن الكريم ونحن في سن الخامسة، بغض النظر عن تخصصاتنا الدراسية؛ ولذلك أصبح حفظ القرآن هو القاسم المشترك بين أبناء الشيخ محمد صدّيق.
ويكشف الشافعي محمد صدّيق عن ملامح تربوية من حياة والده فيقول: كان أبي حريصاً على أن نؤدي الفرائض، وكثيراً ما اصطحبنا للمساجد التي يقرأ فيها القرآن، وكان ذلك فرصة لي لزيارة ومعرفة معظم مساجد مصر، كما كان يراقبنا ونحن نختار الأصدقاء، ويصر على أن يكونوا من الأسر الملتزمة خلقاً وديناً، ويشارك أبناءه في المذاكرة، ويساعدهم في أداء الواجبات المدرسية، ويحضر مجالس الآباء في المدارس التي يلتحق بها أبناؤه، وخلال الإجازة الصيفية كان يشاركنا في الرياضات مثل السباحة والرماية في النهار، وفي الليل يقرأ لنا الكتب الدينية التي تناسب أعمارنا، حتى إذا تعوّد الواحد منّا على القراءة زوّده بالكتب وشجّعه على قراءة المزيد. وقبل هذا وذاك يأتي تحفيظ القرآن الكريم للأبناء، حتى من تركه صغيراً أوصى والده الشيخ صدّيق أن يحفّظه القرآن، وقد فعل.
4- شجاعته الأدبية (الجرأة في الحق):
ومن المواقف التي تذكر للشيخ، موقفه من الدعوة التي وجهت إليه في عهد الرئيس عبدالناصر؛ إذ وجه إليه أحد الوزراء الدعوة قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلاً بحضرة الرئيس عبدالناصر، فما كان من الشيخ إلا أن أجابه قائلاً: ولماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صدّيق المنشاوي. ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إليَّ أسوأ رسله.
5- طفولته:
التحق الشيخ بكُتَّاب القرية وعمره أربع سنوات، ورأى شيخه أبومسلم (محمد النمكي) فيه نبوغاً مبكراً وذكاءً وقّاداً لسرعة حفظه وقوة حافظته وحلاوة صوته، فكان يشجعه ويتعهده بالرعاية والعناية، فأتم حفظ القرآن قبل أن يُتِمَّ الثامنة من عمره. مسوغات حفظه للقرآن ولما يبلغ الثامنة:
1- العامل الوراثي:
فالتحقيقات العلمية الدقيقة أثبتت أن لعالم الرحم دوراً مهماً في تقرير سعادة الإنسان أو شقائه، ويمكن القول بأن الطفل كما يرث الصفات الجسمية والعقلية يرث أيضاً الخصائص الأخلاقية التي تعمل كتربة مساعدة لسلوك الطفل بعد خروجه إلى البيئة الخارجية؛ فإما أن تعمل التربية على إظهار تلك الصفات الكامنة أو إخفائها.
ثم اعلم - أخي القارئ - أن المعنى الذي يستفيده علماء الوراثة اليوم من كلمة (الجينة) هو نفس المعنى الذي أفادته الأخبار من كلمة (العِرْق)، فقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " تخيروا لنطفكم فإنَّ العرق دسّاس" رواه ابن ماجه من حديث عائشة.وحينما نراجع المعاجم اللغوية في معنى كلمة (دسّاس) نجد أن بعضها - كالمنجد مثلاً - تعلق على ذلك بالعبارة التالية: "العِرْق دساس" أي أن أخلاق الآباء تتصل إلى الأبناء.
فالرسول – صلى الله عليه وسلم – يوصي أصحابه أن لا يغفلوا عن قانون الوراثة بل يفحصوا عن التربة الصالحة التي يريدون أن يبذروا فيها، لكي لا يرث الأولاد الصفات الذميمة. بعد هذه المقدمة نستطيع أن نقرر أن العامل الوراثي كان سبباً مساعداً لحفظ محمد صدّيق القرآن في سن مبكرة؛ فجدُّه (ثابت) كان من أشهر قراء القرآن الكريم في مصر، ثم توارثت عائلة الشيخ ثابت حفظ القرآن جيلاً بعد جيل، حيث تولى ثابت تحفيظ ابنه (سيد) القرآن الكريم في سن مبكرة، وتولى سيد تحفيظ ابنه (صدّيق) القرآن، فأكمل حفظه وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، ثم حفظ الشيخ محمد صدّيق المنشاوي القرآن قبل أن يبلغ الثامنة من عمره، فكان هو نبت هذا الفضل القرآني.
2- التربية الأبوية:
فقد بدأ الشيخ محمد صدّيق حفظ القرآن على يد والده صدّيق الذي ساعده كثيراً في حفظه كتاب الله، ولكن وقته المزدحم بالعمل دفعه لإحضار قارئين ومحفظين لهذه المهمة. ثم كان أبوه (صدّيق) كثيراً ما يصطحب أولاده معه في جولاته ينمّي فيهم حب القرآن. فكانت هذه التربية الإيمانية هي الوعاء الذي احتضن الشيخ محمد صدّيق، وأمَّن له المناخ الملائم حتى حفظ القرآن في سن مبكرة.
3- ما كان يتميز به الطفل محمد صدّيق من ذكاء رباني مفرط؛ وجودة في القريحة، وقوة في الحافظة، وسرعة في الحفظ، مع إقباله بشغف ونهم على حفظ كتاب الله، حتى إن شيخه النمكي أخبر والده بأن هذا الفتى سيكون له شأن .. فأتم حفظ القرآن قبل أن يكمل الثامنة من عمره؛ فأصبح أصغر من يحمل لقب (الشيخ) الذي يطلق في الغالب على من أتم حفظ القرآن في صعيد مصر.
3- حياته العلمية:
قرأ الشيخ المنشاوي القرآن الكريم في سرادق عام لأول مرة في قرية " أبار الملك " التابعة لمركز (أخميم)، وكان ذلك أول مؤشر على أن شهرة الشيخ الصغير قد تجاوزت منطقة (المنشأة). ثم انتقل الشيخ مع والده وعمه أحمد السيد إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن، ونزل في ضيافة عمه، وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد الشيخ محمد أبوالعلا، والشيخ محمد سعودي الذي انبهر به وبنبوغه المبكر، فأخذ يقدمه للناس، وظلّ الصبي محمد صدّيق على هذه الحال حتى بلغ الخامسة عشرة وصارت له شخصيته المستقلة.
و في عام (1953م) كتبت مجلة الإذاعة والتلفزيون في مصر إحدى أعدادها عن الشيخ محمد صدّيق المنشاوي أنه أول مقرئ تنتقل إليه الإذاعة. وبعد اعتماده مقرئاً في الإذاعة عينته وزارة الأوقاف قارئاً بمسجد الزمالك بحي الزمالك بالقاهرة، وظل قارئاً لسورة الكهف به حتى توفاه الله.
4- رحلاته:
في عام (1955م) قام بزيارة إلى أندونيسيا برفقة الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد بدعوة من الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو، ثم أرسل خطاباً من هناك لابنه الأكبر محمد سعودي قال فيه: لم أر استقبالاً لأهل القرآن أعظم من استقبال الشعب الأندونيسي الذي يعشق القرآن، بل ويستمع إليه في إنصات شديد، ويظل هذا الشعب واقفاً يبكي طوال قراءة القرآن؛ مما أبكاني من هذا الإجلال الحقيقي من الشعب الأندونيسي المسلم وتبجيله لكتاب الله.
وفي العام التالي استضافته سوريا ومنحته وساماً رفيعاً، ثم تسابقت البلدان الإسلامية لاستضافته لقراءة القرآن خلال شهر رمضان؛ فسافر إلى الأردن والجزائر والعراق والكويت وليبيا والسودان، كما سافر إلى السعودية عدة مرات لقراءة القرآن الكريم في موسم الحج.
5- شيوخه:1 - والده الشيخ صدّيق بن سيد بن ثابت المنشاوي الذي كان له الفضل - بعد الله - في تحبيب ابنه لكتاب الله منذ نعومة أظفاره، وكانت البداية معه في تحفيظ محمد صدّيق القرآن، ولكن لما زادت مشاغله أوكل ابنه إلى الشيخ محمد النمكي ليكمل تحفيظه القرآن. 2- الشيخ: محمد النمكي، الذي حفَّظه القرآن بكُتَّاب القرية وعمره أربع سنوات، فأكمل حفظه معه قبل بلوغه الثامنة من عمره. 3- عمه الشيخ أحمد السيد، الذي كان يرافقه في معظم الجولات التي كان يقرأ فيها القرآن الكريم.
4- الشيخ محمد أبوالعلا، تلقى عليه علم القراءات وعلوم القرآن.
5- الشيخ محمد سعودي إبراهيم، درس عليه علم القراءات، وكان ذلك عند بلوغه الثانية عشرة. والشيخ محمد سعودي الذي أحبه محمد صديق حبّاً خالصاً لمِا لقيه منه من رعاية واهتمام، حتى إنه سمى أول أولاده " محمد سعودي ".
6- القراء الذين تأثر بهم:
تأثر المنشاوي – رحمه الله – بالشيخ محمد رفعت - رحمه الله -، وكان محبّاً له، ومن المعجبين بصوته وتلاوته، وكان كذلك يحب الاستماع إلى أصوات كبار المقرئين الذين عاصروه، كالشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، وأبي العينين شعيشع، ومحمود علي البنا، وغيرهم.
7- تسجيلاته:
بلغت تسجيلات الشيخ محمد صدّيق المنشاوي في الإذاعات الإسلامية أكثر من (150) تسجيلاً، كما سجّل القرآن كاملاً مرتلاً لإذاعة القرآن الكريم في القاهرة. 8- القيمة الجمالية لصوته: امتاز في قراءته القرآنية بعذوبة الصوت وجماله، وقوة الأداء وجلاله، إضافة إلى إتقانه تعدد مقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.
9- ثناء العلماء عليه:
ومن عاجل بشرى المؤمن ثناء الناس عليه بعد موته، فقد قالوا قديماً: " ألسنة الخلق أقلام الحق ". ومن العلماء الذين أثنوا علىالشيخ – رحمه الله – فضيلة العالم الرباني الشيخ محي الدين الطعمي حفظه الله؛ فقد جاء في كتابه (الطبقات الكبرى) ج3/472 ما نصه: رأى له سيدي محمد أبوبطانية – رحمه الله – رؤى صالحة تدل على ولايته وصلاحه. وكان إذا قرأ القرآن أحس المستمع أن صوته كصوت الحور العين، يؤثّر تأثيراً ربانيّاً في ذات الجالسين، وينقلهم إلى عالمٍ لاشيء مثيله في الماديات.
10- الأوسمة والجوائز التي حصل عليها:
منحه الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا. ولكنه لم يحصل على أي تكريم من مصر حتى الآن، وإن كانت الدولة كرمت والده الشيخ صدّيق السيد – رحمه الله – بعد وفاته عام (1985م) فمنحته وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية.
11- وفاته:
في عام (1966م) أصيب - رحمه الله - بدوالي المريء، وقد استطاع الأطباء أن يوقفوا هذا المرض بعض الشيء بالمسكنات، ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة إجهاد الحنجرة، إلا أنه كان يصر على الاستمرار في التلاوة وبصوت مرتفع، حتى إنه في عامه الذي توفي فيه كان يقرأ القرآن بصوت جهوري؛ الأمر الذي جعل الناس يجلسون بالمسجد الذي كان أسفل البيت ليستمعوا إلى القرآن بصوته دون علمه، ولما اشتد عليه المرض نقل إلى مستشفى المعادي، ولما علمت الدولة بشدة مرضه، أمرت بسفره إلى لندن للعلاج على نفقتها إلا أن المنية وافته قبل السفر، وكان ذلك سنة (1388هـ - 1969م)، ولما يتمّ الشيخ الخمسين سنة. رحم الله الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمة واسعة، فلم يورّث درهماً ولا ديناراً، ولكنه ورّث تلاوة مجودة وترتيلاً خاشعاً عذباً لكتاب الله يأسر القلوب، ويخرج بها كوامن الهموم، ويستجلب بها العبرات من العيون.
رحمه الله، فقد وهب حياته لتلاوة القرآن الكريم حق تلاوته، وتجويده أحسن ما يكون التجويد، فعاش بالقرآن، وعاش مع القرآن. ثم إنه مع هذا وذاك أحسن تربية أولاده عندما حفّظهم كتاب الله، وغرس في نفوسهم حبه. اللهم أحي قلوبنا بحب كتابك الكريم، واحشرنا في زمرة أهل القرآن، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطوفات من حياة الشيخ محمد صديق المنشاوى
القاريء الشيخ محمد صديق المنشاوي
هو نبتة الشيخ صديق المنشاوي وهو أول قاري تنتقل إليه الإذاعة لتسجل له ويرفض طلبها والاعتماد بها.. كان لا يكف عن قراءة القرآن .. يتلوه في كل أحواله.. عندما استمع المسلمون في اندونيسيا لصوته أجهشهم البكاء.... وهو من مواليد مركز المنشأة محافظة سوهاج عام1920م من أسرة حملت رسالة تعليم القرآن وتحفيظه وتلاوته على عاتقها فأبوه المقريء الشيخ صديق المنشاوي الذي ذاع صيته في أنحاء مصر والوجه القبلي معلماً وقارئاً ومجوداً للقرآن وله تسجيلاته النادرة بإذاعات سوريا ولندن والتي تذاع بصوته حتى الآن وعمه الشيخ أحمد السيد وهو الذي رفض القراءة بالقصر الملكي فكان الشيخ محمد صديق المنشاوي هو نبت هذا الفضل القرآني وقد التحق بكتاب القرية وعمره أربع سنوات ورأى شيخه أبو مسلم خيراً كثيراً لسرعة حفظه وحلاوة صوته فكان يشجعه ويهتم به فأتم حفظه قبل أن يتم الثامنة من عمره فأصطحبه عمه الشيخ أحمد السيد معه إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن ونزل في ضيافة عمه وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد شيخ محمد مسعود الذي انبهر به وبنبوغه المبكر فأخذ يقدمه للناس في السهرات والليالي وظل الصبي محمد صديق على ذلك الحال حتى بلغ الخامسة عشر فأستقل عن شيخه ووالده بعد ذيوع صيته بمحافظات الوجه القبلي بصفة عامة ومحافظة سوهاج بصفة خاصة فزادت ثقته بنفسه وكان له عظيم الأثر في رحلته مع القرآن بعد ذلك.
*الحاج سعودي محمد صديق.. في عام 1953م كتبت مجلة الإذاعة والتلفزيون في إحدى أعدادها عن الشيخ محمد صديق المنشاوي أنه أول مقريء تنتقل إليه الإذاعة.. فكيف كانت تلك الواقعة ؟ ولماذا انتقلت الإذاعة إليه؟ وهل كان يرفض القراءة لها؟
** كان صيته وشهرته وحسن قراءته وتلاوته حديث الناس في مصر ولما علم المسؤلون بالإذاعة بتلك الموهبة أرسلوا إليه يطلبون منه أن يتقدم بطلب للإذاعة ليعقد له اختبار فإن اجتازه يعتمد مقرئاً بها فرفض الشيخ هذا المطلب وقال: لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً... فما كان من مدير الإذاعة في ذلك الوقت إلا أن أمر بأن تنتقل الإذاعة إلى حيث يقرأ الشيخ محمد صديق المنشاوي وبالفعل فوجئ الشيخ وكان يحي حفلاً رمضانياً في قرية إسنا بدار أحد الأثرياء لعائلة حزين بأن الإذاعة أرسلت مندوبها لتسجل قراءته وتلاوته وفي ذات الوقت كانت مجموعة أخرى من الإذاعة قد ذهبت لتسجل قراءة أبيه الشيخ صديق المنشاوي والذي كان يقرأ بقرية العسيرات بمحافظة سوهاج في بيت الحاج أحمد أبو رحاب وكانت تلك التسجيلات من جانب الإذاعة لتقييم صوتيهما فكانت تلك أول حادثة في تاريخ الإذاعة أن تنتقل بمعداتها والعاملين بها ومهندسيها للتسجيل لأحد المقرئين فكان ما قلته لحضرتك وفعلاً كتبت إحدى المجلات عن هذه الواقعة.
عندما قيم المسؤلون بالإذاعة الشريطين الذين سجلا للشيخ محمد صديق وأبيه أرسلوا إليهما لإعتمادهما إلا أنهما رفضا مرة ثانية... فكيف تم إذن اعتماد الشيخ محمد صديق المنشاوي بالإذاعة ولماذا أصر أبوه على موقفه؟
** أثار هذا الموقف غضب المسؤلين بالإذاعة وكادت أن تصبح مشكلة كبيرة إلا أن أحد المقربين من الشيخ محمد صديق وكان ضابطاً كبيراً برتبة اللواء وهو عبد الفتاح الباشا تدخل في الأمر موضحاً للشيخ محمد أن هذا الرفض ليس له أي مبرر و لا يليق به خاصة وأن الإذاعة قد أرسلت إليه مهندسيها وفنييها لتسجل له بعد رفضه، وطالما أن المسؤلين قد أعطوه قدره وأنصفوه فليس هناك أي مبرر للرفض ولا بد أن يحسن معاملة المسؤلين كما أحسنوا معاملته، وبعد إلحاح شديد ذهب الشيخ محمد صديق المنشاوي للإذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئاً بالإذاعة منذ ذلك إلى أن توفاه الله، أما والده فقال: يكفي الإذاعة المصرية من عائلة المنشاوي ولدي محمد.
ولهذا السبب أيضاً سجل بعض الشرائط لإذاعات سوريا ولندن؟
** هو بالضبط كذلك فقد كانت شهرة الشيخ صديق السيد تملأ آفاق العلم العربي رغم أنه لم يقرأ بالإذاعة المصرية فطلبت منه إذاعتا سوريا ولندن تسجيل القرآن بصوته لهما... فرفض في البداية ولكنه بعد معاودة الاتصالات والإلحاح عليه وافق على تسجيل خمس أشرطة للقرآن بصوته للإذاعتين ولم يزد على ذلك وكان يقول: لولا إلحاحهم المستمر ما وافقت على تلك التسجيلات.
كيف استقبل الشيخ محمد صديق المنشاوي رفض أبيه للقراءة بالإذاعة المصرية؟
** كان لا يعارض أباه أبداً ويحترم رأيه دون نقاش ولم يعلق على ذلك الأمر.
طلب الملك فاروق من الشيخ أحمد السيد عم الشيخ محمد صديق المنشاوي أن يكون قارئاً بالقصر الملكي... إلا أنه رفض.... لماذا؟
** هو لم يرفض.. ولكنه اشترط على الملك أن تمتنع المقاهي عن تقديم المشروبات ولعب الطاولة اعتبارا من الساعة الثامنة مساء وقت إذاعة القرآن الكريم والذي كانت تنقله الإذاعة من القصر الملكي قائلاً للملك: إن للقرآن جلاله فهو كلام الله ولا يجب أن ينشغل الناس عنه وقت تلاوته بالسؤال عن المشروبات والحديث واللهو ولعب الطاولة فقال له الملك: ذلك يعني أن نكلف حارساً على كل مقهى وهذا أمر يتعذر علينا فقال الشيخ أحمد: كذلك فهذا أمر يتعذر علينا أيضاً وتلا قوله تعالى" وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلم ترحمون" فما كان من الملك إلا أن أجله وقدره ولم يجبره على القراءة بالقصر الملكي.
تزوج الشيخ محمد صديق المنشاوي مرتين فما سبب زواجه الثاني ؟
** لقد تزوج عام 1938م من ابنة عمه وكان ذلك هو زواجه الأول وأنجب منها أربعة أولاد ولدين وبنتين ثم تزوج الثانية وكان عمره قد تجاوز الأربعين وكانت من مركز أخميم محافظة سوهاج وأنجب منها تسعة أبناء خمسة ذكور وأربع إناث وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة وكان يقول: الناس يحبونني ويتمنون مصاهرتي وقد توفت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد.
*كان قد أشيع أن صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي ضعيف ولا يستطيع تبليغه لمستمعيه إلا من خلال ميكرفون.. فمن كان صاحب تلك الإشاعة ؟ وكيف استقبلها الشيخ محمد صديق؟
** هي بالفعل كانت إشاعة ونكاية وحقداً من أحد المقرئين وقد حكى لنا بعض المخلصين من المقرئين عن واقعة أثبتت ما أقول حيث دعي الشيخ محمد لأحياء سهرة بمحافظة المنيا ودعي معه مقريء آخر وكان الحضور كثيرين جداً قد يزيد عددهم عن العشرة الآلاف جاءوا جميعاً ليستمعوا على القرآن بصوت الشيخ محمد فلما أحس ذلك المقريء بشغف الناس ومطالبتهم صاحب الدعوة بتعجل الشيخ محمد صديق بالتلاوة فما كان منه إلا أن أوصى عامل الميكرفون بافتعال عطل فني في الميكرفون وأطلق بين الناس شائعة أن صوت الشيخ محمد ضعيف جداً ولولا الميكرفون ما كان له هذا الصيت وعندما بدأ الشيخ محمد صديق يستعد للقراءة فوجيء بعامل الميكرفون يخبره بوجود عطل فني بالميكرفون يتعذر إصلاحه في حينه فاستشعر الشيخ محمد صديق بأن هناك مؤامرة لإحراجه وسط هذا الجمع الغفير فما كان منه إلا أن استعاذ من الشيطان الرجيم وأخذ يقرأ بين الناس ماشياً على قدميه تاركاً دكة القراءة والناس تتجاوب معه حتى أبهر الناس بقوة صوته فانخسأ هذا المقريء الحاقد تاركاً الحفل للشيخ محمد صديق المنشاوي الذي أحياه على تلك الحالة حتى ساعة متأخرة وعندما سألنا والدنا عن هذه الواقعة قال: لقد حدث ما قيل لكم، فسألناه عن اسم هذا المقريء فقال: إن الله حليم ستار.
قيل أن نبوغ الشيخ محمد صديق المنشاوي المبكر في التلاوة سبب له الكثير من المتاعب التي وصلت بالحاقدين عليه أن يدسوا له السم في الطعام... فكيف نجا من هذا الموت المحقق؟ ومن الذي دس له هذا السم؟ ** لقد حكى هذه الواقعة بنفسه ولو أن أحداً غيره قصها ما صدقته فقد جلس يحكي لجدي الشيخ صديق ونحن جلوس عنده أنه كان مدعواً في إحدى السهرات عام1963م وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل صاحب إليه بعضاً من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلاً: يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجوا ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصاً تكريماً لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان... ولم يذكر الشيخ اسمه أمامنا... أعطاني مبلغاً من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجوا ألا تبوح بذلك فينفضح أمري... ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ ببعض الإعياء أمام أصحاب الدعوة ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلاً: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.
ألم يفصح الشيخ محمد عن اسم ذلك الرجل الذي أراد قتله؟
** كل الذي حدث أنه ت | |
|